وعلى الراحلين السلام

لا أعلم كيف ولا من أين أبدأ اتكون بدايتي مع الغياب ام مع الحضور اتكون مع من ذهبوا ام مع الذين هنا …

دعوني أبدأ من حيث انتهيت :

حين رأيتها أصابتني الصدمه حقا فقد كبرت حتى صار عمرها وكأنها تعدت ال 60 هل حقا تلك الهي المرأه التي أعرفها ، المرأه التي لم أرها يوما إلا وهي في كامل اناقتها ، كم تحدثتُ كثيرا عن اهتمامها بذاتها و عن العمر الذي لم يترك أثره أبدا على وجهها الذي داهمته الشيخوخه ، توقفت كثيرا لأتامل كيف حفر الألم أثرا عميقا وبارزا فيها ، توقفت لأرى كيف انحنى ظهرها استسلاما واستقبالا لحمل مصائب دهرها ، ولأول مره أيضا أرى كل ذاك الوجه الآخر لها وجها مليء بالكره المشبع بالألم وجه الصعبيه والحنق على كل دنياها بمن فيها ..

بكيت .. نعم بكيت عليها بكيت على عمرها الذي فر منها ووجها الذي اعتلته السنين وجسدها الذي أصابها الوهن وظهرها الذي أحنته الرياح ، بكيت على نواحها وعلى قلبها المحروق ، بكيت على دعائها و على صبرها ..

أعلم جيدا أن الله قذف في قلبها صبرا عظيما فأي امرأه في مكانها ماكانت لتحملها قدماها ، بل أي أم بليت بفقد ولداها تباعا في أقل من ثلاثه أشهر شابان في عمر الزهر أولهما هو ابنها البكر وثانيهما هو الأوسط وكلاهما ” يداها ورجلاها ” قصما ظهرها فقلبها الذي أنهكه الألم لم يشفى بعد من نار واحد حتى مات الثاني ، يا الله والله ان رحمتك واسعه فلو كنت مكانها لتوقف قلب عن الخفقان لها الله ..

لا أعلم كيف ستكمل حياتها وذكراهما تطوف حولها في أرجاء البيت و لا أعلم إلى متى سيتحمل صدرها ذاك الألم الذي تحبسه بداخلها و لا اعلم ان كانت تستطيع ان تتنازل عن حق و لدها و تعفو عن من أخذه من بين أحضانها ما عدت أعلم شيئا ،كل ما بت أعلمه الآن أن العمر قصير جدا أقصر مما نعلم فبالأمس كان الجميع هنا واليوم ذهبوا أدراج الرياح ..

تعلمت بالأمس درسا في غاية الأهميه وترسخ في عقلي اليوم ففي وسط زحمه البكاء والحزن وجدت احداهن فرصه لتبث نار الوقيعه ، اذهلني كيف ان البشر ابدا لن يتخلصوا من تراهاتهم وحماقاتهم لن يتخلصوا من شيطان ألسنتهم من وسواس عقولهم الباليه ، كيف يمكن أن نحيل العزاء إلى جلسه نميمه ، رحم الله الاموات فقد استراحوا من حماقات الأحياء علينا دائما ان نتبع قلوبنا ونفعل ما تمليه علينا انفسنا دون اهتمام لما يقوله الناس عنا فحتى الاموات لم يسلموا من لسان الاحياء هذا ماتعلمته بالامس ورسخه في اليوم ..

تعلمت درسا أهم من ذاك الدرس تعلمت أننا لابد ومفارقوا هذي الحياه ان ليس اليوم فغدا وان ليس غدا فبعد غد وان كل لحظه تمر علينا قد تكون آخر لحظات عمر وان النفس الذي نزفره ربما يكون هو آخر أنفاسنا ولا أعلم بأي صوره سألاقي ربي لكني أدعو الله أن يكون آخر عهدي في هذه الحياه وأنا ساجده بين يديه وقلبي ينتفض من خشيته وقد طهرني من ذنوبي ، سأزفر آخر نفس فكيف سأترك كل عزيز لي يحبني أم بيني وبينه شحناء هل استمتعت بكل لحظه قضيتها مع من أحب لكني أتمنى أن أزهق آخر انفاسي وانا اعلم ان جميع من احب يبادلني شعور المحبه أتمنى أن اغادر هذه الحياه وقد اغتنمت فرصه وجودي فيها

We are only given today and never promised tomorrow so sure to tell someone you love them

ماعاد عندي ما اقوله فالكلمات باتت تغتالني ، لأول مره أشعر أن الحروف تافهه أمام المشاعر التي تختلج الصدور وتعتمر الاجساد …

يا إله الصابرين أفرغ الصبر على قلوبنا وعلى قلوب كل المنكوبين ولا تذقنا طعم الفقد وارحمنا وارحم امواتنا واحيائنا واغفر لنا ذنوبنا وتوفنا ونحن ساجدين لك طائعين لك حامدين لك شاكرين لنعمك واحفظ لنا ابائنا وامهاتنا واخواننا ، ربنا وسع على أمواتنا قبورهم وثبتهم عند السؤال ونور لهم قبورهم يارب ،اللهم جنبني حرمان من أحب ولا تجعلني أطوي العمر بحثا عن [ من يعوضني فقدانهم ] ،اللهم اجعل يومي قبل يوم كل عزيز علي فـ ليس عندي قدره على تحمل فراق أحدهم …

على الهامش :

لا تنم وفي قلبك شيء .. قد تكون الموتة الصغرى الأخيرة ..
لأن الوقت لن يعطيك كفه لتستطيع اصلاح ماشئت ، ببساطة هكذا ..
نم وقلبك لا ينحني لفتات الطين هذا .. اجعله سماويا بحتا .. نم واستودعه الله
في سماء لاتضيق على أحد من العباد …


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *