رحيل مع الغروب


لم يتبقى على غروب الشمسس سوى ساعه واحده و قد تزينت السماء بلون أحمر تتخله غيمات لربما تحمل في أحشائها مطرا يسقي هذه الأرواح المنهكه

الهواء محمل بلسعات بروده خفيفه و الأشجار تتمايل كلما مرت عليها النسمات

أجواء تكاملت لتطبع صوره خلابه لمشاهد حب طبيعيه العشاق فيها سماء و زهره و هواء

لكن في الانحاء هناك شاب يقف في هدوء يتخلله قلق ينظر في ساعته من أول وصوله و هو يقطع الارض ذهابا وجيئه ..

و هاهي تتقدم نحوه في خطوات ثابته رشيقه سريعه حاده ذكرتني مشيتها تلك بمشيه المهره الحره شامخه عاليه الرأس تمشي وكأن الأرض تطوى من تحتها طيا

توقفت فجأه قبل أن تصل اليه ونظرت اليه عميقا و زادتها تلك النظه المتطلعه ثباتا في مكانها فتطلع هو الآخر اليها مطولا ثم تقدم نحوها في خطوات سريعه كأنه يسابق بها الرياح

حين وصل الى حيث هي توقف لم يدعوها للجلوس رغم كثره المقاعد ولم يخاطبها بل توقف فقط كدت أن اجزم انهما عاشقان لم يلتقيا منذ مده طويله ولربما لم يخب ظني

أخيرا استجمع قوته وسألها : لم التأخير ؟

هي لم ترد عليه بل ظلت تنظر اليه فقط

هو : انا انتظرك منذ زمن حتى كدت افقد الأمل في قدومك

هي : ………….

هو : لماذا ترمقينني بهذه النظرات ولما لا تردين علي

هي بعد سكوت طويل : ماذا تريد ؟ لماذا أصررت على رؤيتي . ماذا عندك لي ؟

هو : دعينا نجلس قليلا أم سنكمل حديثنا وقوفا

واقتادها إلى مقعد قريب من حيث كنت أنا كانت هذه هي الصوره المثاليه حيث تجلى جمال الطبيعه الخلاب مع منظر هذين الحبيبان وهما يجلسان لو كنت أحمل معي كاميراتي لكنت التقطت هذه الصوره البديعه ولحصدت بها جائزه أيضا لماذا نسيتها اليوم وهي التي لا تفارقني .. لا بأس لنعد حيث هما

هو : أتعلمين كيف مر الوقت في غيابك مرت أيامي وكأنها شهور لا تنتهي اشتقت إلى حديثك و إلى ضحكاتك

هي : و إلى ماذا اشتقت أيضا

هو : اشتقت إليك إلى علمي بوجودك حتى لو لم نتحادث .. أنت تعلمين أن مجرد وجودك في بعض الأحيان هو راحتي

هي : ولم أعد موجوده لم أعد هناك .. وعشت أنت دوني و كأني لم أكن

هو : انت تعلمين جيدا أني لست بالانسان الذي ينهار لاجل أحد لكن ذلك لا يعني اني لم افتقدك في حياتي

هي : نعم انا ارى ذلك جيدا من موقعي

هو : انت التي رحلتي و ابتعدتي .. غبتي وعدتي ثم غبتي وعدتي ثم غبتي عني تماما

هي : اصبحت انا الملومه الان .. الست انا من كنت ابدأ دائما بمحادثتك الست انا من كنت انتظر قدومك و لا يغمض لي جفن حتى تذهب الست انت الذي كنت تنهي كل حديث نبدأه بل وكنت تظل جالسا بالساعات كثيرا دون ان تلقي حتى بالسلام

هو : وماذا انا وماذا انتي السنا واحد

هي : لا يا عزيزي لسنا بواحد أبدا بل اثنان وانت وحدك من اشعرتني بذلك انت وحدك من انتهزت كل الفرص في البعد عني

هو : لكن غيابك كان يطول كل مره عن المره السابقه وكان ذلك يحزنني ولربما هذا هو ما جعل رده فعلي غاضبه

هي : انت تعلم جيدا ان غيابي كان رغما عني وهكذا حتمت علي ظروف سفري .. لكن صدك ماذا كان عذره في كل مره هل هو الغضب حقا أم انك اعدت النظر في وضهي بالنسبه لك

هو : ……………

هي : أتعلم في كل مره كنت لا تحدثني فيها وفي كل مره كنت احدثك فتبذل جهدك في انهاء الحديث اتعرف فيما كنت افكر  .. كنت افكر في كل مره ان هذه هي المره الاخيره التي احدثك فيها كنت افكر انك لا تريد ان تكلمني بعد الان وكان ذلك قاسيا علي فرغم اني احبك لكن حبي لن يجعلني أبدا اركض خلف من لا يريدني

هو : لكني احبك وانت تعلمين ذلك جيدا انت تعلمين ان غيرك لم يشغل فكري ولم يسكن عيني  انت تعلمين ان حتى هذه الكلمات لا تكون الا معك انتي فقط

هي : وانت تعلم ان غيرك لن يملأ عيني .. اتعلم كيف رسمت الغد بك وكيف ملأت حياتي بك وكيف اسكنتك داخلي …

هو : إذا لماذا الغياب ماذا شغلك عني و طالما انا ساكنك لماذا تخليت عني

هي : دعنا مما كان فما مضى قد رحل بكل مافيه بحلوه وسيئاته لماذا تذكره الان دعه ينام ودعنا نرتاح

اخبرني الان ماذا تريد ولماذا طلبتني

هو : اتراها اذناي لا تسمعان ام ان نبره صوتك باتت مختلفه بحده

هي : لان الوقت يمر وانا ماعدت املك وقتا اطول من هذا لابقى

هو : منذ متى كان الوقت يهمنا وقد كان يمضي منا دون شعور ودون مبالاه

هي : منذ ان بت لا ادري ماذا اكون انا في حياتك .. تاره تشعرني اني اهم انسانه في الوجود وتاره اخرى تقتلني لا مبالاتك ..

هو : لم يحدث ان كنت يوما لا مباليا لكن ربما شغلتني اشياء اخرى عنك الم يخطر ذلك ببالك

هي : كنت اعلم لكن كنت اتمنى .. كنت احتاجك كثيرا وأبدا لم اجدك ربما لم اكن لاشك يلك حالي لكن كنت احتاج مجرد وجودك كان يبعث في قلبي الاطمئنان الم يخطر ذلك ببالك انت

هو : سأنهج نهجك واطلب منك ان ندع الماضي ليرتاح ولتهدا نفوسنا

هي : اتعلم حين كان يسألني بعضهم عن ما يشغل فكري وكنت افكر طويلا لاقول في نفسي مابي شيء سوى اني اعتاد على غيابه وهو حي امام ناظري

هو : لم اغب عنك يوما كنتي امامي دائما ثم اعلمت الان مامعنى الغياب أاحسست بما احسست به

هي : هل كنت تعاقبني اذا ؟

هو : ابدا فلا اقوى على ذلك  ولكن هكذا شاءت الاقدار

هي : نعم هكذا شاءت الاقدار

هو : هاهي تلك النبره تعود

هي : الم تحس بها سوى الان لقد اختلفت نبره صوتي منذ زمن لكنك لم تكن لتلاحظ لقد اختلفت حتى انا لكن حتى تلك لم تلاحظها

هو : بلى لقد اختلفتي كثيرا لكني مازلت اراكي بعيني انا كما عهدتك دائما .. اما ان الاوان لننظر للغد

هي : اي غد هذا الذي تبحث عنه هنا .. هنا ماعاد هناك سوى ماضي وحتى ذلك الماضي رحل

هو : ماذا تعنين ؟

هي : أعني اني لست غاضبه منك  فنفسي تأبى الغضب منك وتلومني انا وتغضب مني انا .. وهكذا سأقلب صفحه الماضي

هو : إذا سأعوضك كل ما فات هذا وعد مني

هي : لا يا عزيزي لقائنا اليوم هو آخر سطر كتبته في صفحه الماضي التي سأقلبها بمجرد ان اخطوا ولى خطواتي بعيدا عنك

هو : لم أفهم

هي : بلى لقد فهمت لكنك لم تستوعب بعد .. اخر عهدك بي هو هذا اللقاء ، حقيقه لم آتي اليوم لاسمع ما عندك بل جئت فقط لأودعك

هو : هكذا

هي : نعم هكذا بلا أعذار ولا جروح ولا ألم

هو : ………………………….

في تلك اللحظه شعرت وانا اتابعهما ان كليهما ماعاد يقوى على الحديث فتعابير وجهيهما توحي بالالم والفقد ورغم صغر سنهما فقد باتا في تلك اللحظه وكأن عمرا قد زاد فوق عمرهما ثم رايتها تقف وتدير ظهرها ورأيته يقف هو الاخر ويخطو نحوها فالتفتت له وفي تلك اللحظه سمعت ماقالته جيدا فقد قالته بصوت متهدج متألم باكي

هي : لم أطلب يوما أحد مستحيلات الدنيا كل ما طلبته هو انت وانت فقط فهل يُعقل بأنك أحد مستحيلات هذه الأرض ؟! أم أن أمنياتي هي من كانت خارج حدود الواقع ؟

قالتها وسقطت دمعه من عينيها و هي تخطو اول خطوه في طريقها للرحيل و هي تكتب اخر سطر في كتاب ماضيها ورحلت

رحلت وتركته ورائها مازال يحاول استيعاب ماحدث مازال يجاهد نفسه لكي لا يلحق بها لكني رأيت ابتسامه ترتسم على شفتيه وهو يدير ظهره ويسير في طريقه هو الاخر …

فهمت أنا معنى تلك الابتسامه كما كان سيفهما أي راوي مكاني .. دلت ابنسامته على شيء واحد فقط ( الأمل ) هو لم يودعها ولم يفقد الأمل فهو يعلم علم اليقين أنها لو لم تكن تحبه لما جاءت بل لودعته حين طلب منها مقابلتها هو يعلم جيدا أنها لن ترى غيره كما لن يرى غيرها .. علمت في تلك اللحظه لم أطال هو صمته بينما أطالت هي حديثها لقد فعل معها مايفعله الأب مع وليده حين يبكي فيتركه حتى يهدأ وينام كذلك هو فعل جعلها تفرغ ما بداخلها حتى تزيح ذلك الغضب عن كاهلها وترتاح …لذا فاليوم سيدعه فقط لإغلاق صفحه الماضي وغدا سيبدأ صفحه جديده لكن ليس دونها إنما معها ومعها هي فقط ..

تمنيت ثانيه أني لم أنسى كاميرتي في المنزل كنت لألتقط أروع مشهد غروب رسمته الطبيعه حين تعانقت قطرات المطر مع الاشجار المتمايله وتعانقت الشمس مع أطراف الأرض …


Posted

in

,

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *